تعريف الأحكام:
الحكم: "هو التشريع الصادر من الله تعالى، لتنظيم حياة الإنسان".
توضيح التعريف:
الإنسان يعيش في الحياة وهذا الكون، ويتفاعل مع جميع ما في هذه الحياة وما في هذه الكون، وتقوم بينه وبين هذه الكائنات من الأحياء والجماد، وبينه وبين خالقه وخالق هذه الكائنات وبارئها، وهو الله تعالى، علاقات متنوعة.
وطبيعة هذه العلاقات، على اختلاف أنواعها ومجالاتها، سواء كانت من الإنسان مع الله تعالى، أو مع الأسرة، أو المجتمع، أو مع الدولة، أو كانت بين الأسرة والأسرة الأخرى، أو بين المجتمع والمجتمعات الأخر، أو بين الدولة والدول الأخريات، أو كانت داخل إطار الإنسان ذاته، أو داخل إطار الأسرة، أو داخل إطار المجتمع، أو داخل إطار الدولة.
أقول: إن طبيعة هذه العلاقات، على اختلاف أنواعها ومجالاتها، تتطلب التنظيم عن طريق وضع تعليمات لتوجيه سلوك الإنسان، لكي تقوم كل علاقة -بدورها- بما يعود على الإنسان، فرداً وأسرة، ومجتمعاً ودولة، بالخير والسعادة.
هذه التشريعات التي توضع نظاماً يوجه سلوك الإنسان، هي الأحكام، وقد شملت هذه الأحكام من قبل الشريعة الإسلامية كل مجالات سلوك الإنسان في الحياة والكون.
فللتشريع الإسلامي في كل سلوك إنساني، فردياً كان أو اجتماعياً، تعليم خاص لتوجيهه، ومجموعة هذه التعليمات لتوجيه سلوك الإنسان، هي أحكام التشريع الإسلامي.
أنواع الحكم:
ينوع الحكم إلى نوعين، هما: الحكم الواقعي، والحكم الظاهري.
1- الحكم الواقعي: وهو الحكم المجعول للشيء بواقعه.
وينوّع الحكم الواقعي إلى نوعين أيضاً، هما: الواقعي الأولي، والواقعي الثانوي.
ألف- الواقعي الأولي: وهو الحكم المجعول للشيء بواقعه الأولي، من دون ملاحظة ما يطرأ للشيء من عوارض، مثل إباحة شرب الماء.
ب- الواقعي الثانوي: وهو الحكم المجعول للشيء بملاحظة ما يطرأ له من عوارض تقتضي تغيير حكمه الأولي، مثل وجوب شرب الماء إذا توقف إنقاذ الحياة عليه، فإن عروض توقف إنقاذ الحياة على شرب الماء، اقتضى تغيير حكمه الأولي، وهو الإباحة، إلى حكمه الثانوي، وهو الوجوب.
2- الحكم الظاهري: وهو الحكم المجعول للشيء عند الجهل بحكمه الواقعي، مثل الحكم بطهارة الإناء الذي لم تعلم نجاسته.
أقسام الحكم
يقسم الحكم بمختلف أنواعه إلى ثلاثة أقسام، هي: التكليفي، و التخييري، والوضعي.
أولاً- الحكم التكليفي: وهو الوجوب والندب والحرمة والكراهة.
ألف- الوجوب: وهو الإلزام بالفعل.
أقسام الوجوب:
يقسم الوجوب بتقسيمات مختلفة إلى الأقسام التالية:
أولاً- يقسم إلى العيني والكفائي:
1- الوجوب العيني: وهو الوجوب الذي يطلب امتثاله من كل مكلف، ولا يسقط عنه بامتثال الآخرين، كالصلاة والصوم.
2- الوجوب الكفائي: وهو الوجوب الذي يطلب امتثاله من عامة المكلفين، ويسقط بامتثاله بعضهم له، كالصناعات والحرف التي يحتاجها المجتمع.
وثانياً: يقسم إلى التعييني والتخييري:
1- الوجوب التعييني: "هو الوجوب الذي يتعلق بفعل بعينه، ولا يرخّص في تركه إلى بدل"، كصوم شهر رمضان.
2- الوجوب التخييري: "وهو الوجوب الذي يتعلق بأحد الشيئين أو الأشياء على البدل"، كخصال كفارة إفطار يوم من شهر رمضان تعمداً، حيث يتخير المكلف بين عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً.
وثالثاً: يقسم إلى المؤقت وغير المؤقت:
1- الوجوب المؤقت: وهو الوجوب الذي يطلب امتثاله في وقت معين.
وينقسم الوجوب المؤقت إلى قسمين، هما: المضيق والموسع.
ألف- المضيّق: وهو الوجوب المؤقت الذي يطلب امتثاله في زمان بمقداره، كصوم نهار شهر رمضان.
ب- الموسّع: وهو الوجوب المؤقت الذي يتطلب امتثاله في زمان أوسع منه، كالصلاة اليومية.
2- الوجوب غير المؤقت: وهو الوجوب الذي يطلب امتثاله من غير توقيت بزمن معيّن، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ورابعاً: يقسّم إلى المطلق والمقيّد:
1- الوجوب المطلق: وهو الوجوب الذي لم يقيّد تحققه بشيء.
ويقسم الوجوب المطلق إلى قسمين، هما: المنجز والمعلق:
ألف- المنجز: "وهو ما كان مخلّى عن القيد الزماني وجوباً وواجباً"، كالصلاة بعد دخول وقتها.
2- الوجوب المقيد، ويسمى بالمشروط أيضاً: وهو الوجوب الذي يقيّد تحقّقه بشيء، كالحج المشروط بالاستطاعة.
وخامساً: يقسّم إلى التعبّدي والتوصّلي:
1- الوجوب التعبدي: وهو الوجوب الذي يطلب امتثاله مشروطاً بالتقرب به إلى الله "تعالى"، كالصلاة والصوم وسائر العبادات.
2- الوجوب التوصّلي: وهو الوجوب الذي يطلب امتثاله غير مشروط بالتقرب به إلى الله تعالى، كتطهير الثوب من النجاسة.
وسادساً: يقسّم إلى المحدّد وغير المحدّد:
1- الوجوب المحدّد: وهو الوجوب المحدّد بمقدار معيّن، ويطلب امتثاله بالمقدار المحدّد له، كدفع ضريبة الزكاة كاملة، الإتيان بصلاة الصبح ركعتين.
2- الوجوب غير المحدد: وهو الوجوب الذي لم يحدّد بمقدار معيّن، كالعدل والاحسان.
وسابعاً: يقسّم إلى النفسي والغيري:
1- الوجوب النفسي: وهو الوجوب الذي يطلب امتثاله لغيرهن كالوضوء للصلاة.
ب- الندب: وهو الدعوة إلى الفعل من غير إلزام، كالصلاة.
ج- الحرمة: وهو الإلزام بالترك، كشرب الخمر.
د- الكراهة: وهي الدعوة إلى الترك من غير إلزام كالوضوء بالماء المسخّن بالشمس.
ثانياً- الحكم التخييري: وهو الإباحة.
والإباحة: هي التخيير بين الفعل والترك من دون ترجيح، كشرب الماء في الحالات غير الاضطرارية.
ثالثاً- الحكم الوضعي: وهو "الاعتبار الشرعي الذي لا يتضمن الاقتضاء والتخيير"، كاعتبار شيء سبباً أو شرطاً أو مانعاً لشيء آخر، أمثال:
اعتبار السرقة سبباً لقطع اليد بقوله تعالى: "والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما".
واعتبار الاستطاعة شرطاً لوجوب الحج بقوله تعالى:"ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً".
اعتبار القتل مانعاً من الإرث بقوله صلى الله عليه وآله: "لا يرث القاتل شيئاً".