تشخيص الاضطراب التوحدي
أجمعت كثير من المراجع على أن عملية تشخيص الاضطراب التوحدي عملية بالغة الصعوبة والتعقيد؛ ويرجع ذلك إلى التشابه بين أعراض هذا الاضطراب وأعراض عدد من الاضطرابات الأخرى مثل: (التخلف العقلي، وفصام الطفولة، واضطرابات التواصل، والإعاقة السمعية، والاضطرابات الانفعالية) كما أن تباين الأعراض من حالة إلى أخرى، وعدم وجود أدوات أو اختبارات مقننة عالية الصدق والثبات يمكن الاعتماد عليها يزيد من احتمالات الخطأ في التشخيص([47]).
وتعتبر جهود "كانر" هي البداية الأولى التي اعتمد عليها كثير من الباحثين في التعرف على اضطراب التوحد وتشخيصه، فقد أشار في مقالته الأساسية عن التوحد على خصائص 11 طفل كانوا يعانون من تنادر غير معروف، وأن هذه النتائج اعتمدت الملاحظة الدقيقة والمنظمة، وكان الهدف من هذه الدراسة هو التعرف على الخصائص السلوكية للمفحوصين والتمييز بينها وبين الصفات التي يظهرها الأطفال المرضى بأمراض نفسية أخرى([48])، وتشمل الصفات التي أوردها كانر فقدان القدرة على التعلق والانتماء إلى الذات والآخرين والمواقف منذ الولادة، تأخر اكتساب الكلام، عدم استخدام الكلام في عملية التواصل، إعادة الكلام بشكل نمطي، عكس صفة الملكية، سلوك لعب نمطي، رغبة شديدة في المحافظة على الروتين، ضعف القدرة على التخيل، مظهر جسماني طبيعي.
ومعظم هذه الصفات وردت في دراسات لاحقة عن الأطفال التوحديين، كما أضيفت إليها صفات وخصائص سلوكية أخرى، ومعظم هذه الصفات إن لم يكن كلها قد وردت في الدليل التشخيصي والإحصائي الثالث المعدل RSM 111 – R الصادر عن الرابطة الأمريكية للطب النفسي عام 1987، وتتضمن الخصائص التشخيصية للتوحد الطفولي الأعراض التالية([49]):
1- بداية المرض أو الاضطراب قبل سن 30 شهراً.
2- عدم القدرة على الاستجابة للآخرين.
3- اضطراب شديد في النمو اللغوي.
4- أنماط كلام غريبة مثل ترديد الكلام المباشر، أو ترديد العبارة المتأخرة، أو قلب الضمائر.
5- استجابات غريبة في بعض المواقف مثل: مقاومة التغيير أو التعلق بالأشياء.
6- انسحاب اجتماعي وانطواء على الذات.
7- نشاط حركي مفرط.
8- عجز عن التخيل.
9- اضطرابات كيفية في التفاعل الاجتماعي.
10- اللعب الانفرادي، والتركيز في التعامل على جزء من البيئة.
11- حركات جسمية نمطية وقسرية([50]).
وقد أشارت بعض المراجع إلى أن العيوب الارتقائية يجب أن تكون موجودة في الثلاث سنوات الأولى حتى يمكن استخدام التشخيص، كما أشارت إلى أن الاضطراب يمكن أن تصاحبه كل مستويات الذكاء، إلا أن ثلاثة أرباع الحالات توجد لديها درجة دالة من التخلف العقلي([51]).