عندما يجسد الشاعر المفهوم التراثي بمفردات مفهومه وذات جذور ويمزجه بصدق العاطفة والتفاعل بمصداقية مع الموقف
فإن الشاعر يقترب من الصورة الحقيقية للموقف الذي تم تجسيده
شعرياً ومن هذا المنطلق تتباين الصور الشعرية وقوة التصوير
بين الشعراء . إن محاكاة الوقع وتجسيده بصور ممتلئة بالمفردات المتطابقة مع الحقيقة يعطي ملامح للمتلقي إن لم يكن تجسيداً وللموقف الذي يواجه الشاعر وهذا ما يعرف بالصفة الموصوفة ومن عناصره طريقة الحركة ونبرات الصوت والشكل الخارجي فإذا وصل الموصوف الى هذه الدرجة من محاكاة الواقع نتج عن ذلك نوع من التجانس والتعايش في إطار بيئة الموصوف عليه أو المشبه به يقول الشاعر المكحيل :
ولا ياغزال فوق خده ثلاث رقوم
لو يهج مع صيد الخلا ما يهابنه
لقد تطرق الشاعر في وصفه الى عدة جماليات منها رشاقة الحركة وجمل المنظر ومحاكاة الواقع في اقرب صورة تشبيهها فالكثير من الشعراء أوجد التشابة لجماليات غزال الصحراء في العين ورشاقة الحركة وجمال الخطوة ولكن شاعرنا وصل بها الى ناحية السلوكيات الى درجة أن الغزال لا يستطيع أن يميز بين الموصوف وبقية أفراد القطيع وهذا لا يعني كشف الستار عن طريقة الوصف و الإبداع فيه بشكل يجسد الواقعية وإنما فيه إبداع في استخدام مفردات الوصف وسعة الخيال وإبداع الصورة والمهارة في المطابقة لحال الواقع " وتقول إحدى الشاعرات تحاكي نفس الحالة وكأنما حالها حال من يتوصف عليه في إطار من الثقة من واقع ماتشعر به من قدرات ومميزات جمالية فهذه الشاعرة يأتي القناصة لها بظبي صغير بعد رحلة تقتل فيها الأمهات ويؤسر فيها الصغار وهذا الأهداء فيه نوع من الرقة والشفافية فليس هناك أيد لديها القدرة على ملامسة ذلك الجسد الرقيق للرشاء سوى تلك الايادي الرقيقة المخضبة بالحناء .وتستمر دراما الوصف ويكبر الرشاء الصغير ويبدأ يتجه الى سلوكه الفطري الطبيعي الذي خلقه الله عليه وهو الميل الى الانطلاق في الصحراء واكتساب وحشية الجوازي تقول الشاعرة :
ياظبي لاتجفل تراني منيرة
والظبي مايجفل من الظبي لاجاه
وتصر شاعرة الاحساس المرهف من خلال اصرارها على تغيير طبيعة وحشية الجوازي وهذا من واقع إحساسها .