نساء يتسوقن لشراء مستلزمات زيارة أحد الأقارب
الرياض، تحقيق ــ سحر الشريدي
"قلة الزيارات" بين الأقارب أضحت ظاهرة غريبة، ومخيفة، وتثير أكثر من علامة استفهام، حيث لعبت المشاكل الأسرية والتكلف في الملبس؛
الخوف من المشاكل وحب المظاهر والضغوط المالية تقطع «صلة الرحم»
دوراً في تباعد الناس عن بعضهم البعض، كما أن الجلسات تحولت إلى "رسمية بحتة" جعل طابعها مملاً، كذلك الضغوط التي يعيشها الشخص؛ سواء كانت ضغوطاً عائلية أو اقتصادية؛ والتي أسهمت في انشغاله بذاته وترك الآخرين.
"تبهير" الزلة
توضح "أم منصور" أن المجتمع في الآونة الأخيرة بدأ في التفكك، وخصوصاً بين الأقارب، مرجعةً السبب إلى عدم رغبة الناس بالمكوث وقتاً طويلاً عند مجتمع بعينه، ولما يترتب عليه من"التقاط الزلة" و"تبهيرها"، مما قد يؤدي إلى حدوث مشكلة نتيجة لكلمة قد لا يقصد بها الشخص ما قد يفهمه الآخر، فنفوس البشر تغيرت، كما أن البعض منهم أصبح يبحث عن الدواخل ولا يهمه سوى ماذا قالت فلانة؟، فأصبحنا نبتعد عن هذه المجتمعات لنتفادى المشاكل، حيث نقوم في الوقت الحالي بزيارة أقاربنا بطريقة خفيفة وسريعة؛ أو عن طريقة الهاتف الذي لن يتدخل شخص ثالث ويفسر ما يمكن تفسيره، وربما هذا الأمر لا نريده ولا نحبذه لكن بعض الضرورات تحتم علينا ذلك.
لغة متحفظة
وتقول "سهى محمد": إنني لا أستطيع أن أقطع أقاربي، على الرغم من وجود بعض العوائق، إلا أن ذلك لم يمنعني من التواصل معهم، مشيرةً إلى أن الغريب في جلساتها مع أقاربها؛ أن الكل يتحدث بشكل متحفظ؛ ولا يُظهر لك شيئاً صحيحاً، بالرغم أن كل المواضيع التي نتحدث عنها "عامية" ولا تمس أحداً، مما يجعلك تشعر بأن هذا المكان ليس مكانك، بل يُكسب الجلسة الملل والضجر، فتتقلص الزيارات بالتدرج إلى أن تقتصر على أوقات ومناسبات خاصة.
ارتفاع التكاليف
وأرجعت "نورة الشويعي" سبب قلة الزيارات وتقلصها؛ إلى ارتفاع تكاليف الزيارة الواحدة، وحب المظاهر للنساء، إلى جانب كثرة المشاكل الأسرية؛ والغيرة والحسد، كما أن ضغوط العمل؛ وبُعد المكان وقلة المواصلات، بالإضافة إلى انشغال رب الأسرة سبب رئيسي في ذلك، لافتةً إلى أنه يقع على الرجل الاتهام الأكبر؛ لأنه يفضل الخروج لوحده ويرمي كل المسؤولية على عاتق المرأة، وقد لا تكون قادرة على تحمل ذلك.
لبس جديد
وترى "فاطمة فهد" أن التكلف بين الأقارب والمنافسة فيما بينهم؛ يلعبان دوراً مهماً في تباعدهم عن بعضهم، وخصوصاً المجتمع النسائي، كذلك التكلف في الأزياء؛ والحرص أن يكون لكل زيارة لبس جديد؛ بل إن بعض الاجتماعات تكون ذات طابع رسمي؛ مما يولد لدى البعض عدم الحماس للقيام بزيارات أخرى، كما أن اهتمام الأبناء بأصدقائهم، يجعلهم لا يفكرون بزيارة أقاربهم.
جلساتنا العائلية أصبحت مملة ورسمية..والحضور متحفظ!
حضور الأطفال
وتقول "جواهر الصالح": إن المجتمع لم يعد مثل السابق في الزيارات، وأصبح لكل منهم نمط معين، حيث يستفسر البعض عن حضور الأطفال؛ خوفاً من إتلافهم لإكسسوارات أو أثاث منازلهم، فتجد صاحبة المنزل ولو كانت شقيقتك؛ لا تصغي إليك فيما تتحدث؛ فعيناها تراقب الأطفال ماذا عملوا؟ وأين ذهبوا؟؛ فتجعل الجلسة كلها ضجراً وتخجل من نفسك، كذلك لا تلقي لك أي اهتمام فتضطر في المرات القادمة أن لا تصطحب أبناءك؛ مما يترتب على ذلك قلة مكوثك عندها، بل من الممكن أن لا تفكر بالقيام بزيارتها مرة أخرى.
قطيعة سائدة
وتبين "سهام العنزي" أن المجتمع هو من يستطيع أن ينبذ مثل هذه القطيعة، فلو كل منا قرر أن يبتعد عن التكلفة والبهرجة؛ لكانت الزيارة سهلة وبشكل يجعل الشخص يتسابق عليها، لكن صعوبتها وما يكون بها من تكلف يجعل القطيعة هي السائدة، وتجعل الكل يبحث عن طرق تبعده عنها، مطالبةً الجميع بالتواضع في كل شيء، وأن تكون الزيارات كل شهر بدلاً من أن تكون أسبوعية، حتى لا تجعل الشخص يفكر ماذا سيفعل؟ وماذا سيقدم في تلك الزيارة، فخير الأمور أوسطها.
زيارات مطولة
وتقول "مها سلطان": إن بعض أفراد المجتمع يطيل المكوث عند الزيارة؛ وقد لا يستطيع الشخص أن يلمح له؛ خصوصاً إذا كان صاحب المنزل منشغل في بعض الأمور؛ وظناً منه بأنها زيارة قصيرة ولن تضيع عليه بعض المشاغل، موضحةً أن المجتمع أصبح يمل مثل تلك الزيارات المطولة، مما جعلها تتقلص.
شخص يتصل على أحد أقاربه مستغنياً عن زيارته في منزله
رغبات العائلة
وتوضح "وعود علي" عدة أسباب جعلت أفراد المجتمع ينشغلون عن هذه الزيارات، منها الانشغال بأمور الحياة اليومية كعمل الوالدين، كذلك الوسائل الترفيهية والعلاقات الاجتماعية خارج العائلة، مضيفةً كما أن تعدد الرغبات في العائلة الواحدة نحو الزيارات؛ وإعطاء آراء للأطفال ليحددوا مكان الزيارة ساهم في عدم التفكير في زيارة الأقارب، ولا أنسى الاهتمام الزائد بالمظاهر والماديات؛ كأن يحتاج المستضيف أكثر من يوم استعدادا ً لاستقبال الحضور ولو كان شخصاً واحداً؛ مما يرهقه مادياً، كذلك تغير الثقافات الاجتماعية بدءاً من "مالي مزاج أشوف فلان" أو "ما أحب بيت فلانة"، مشيرةً إلى تفشي "الحزازيات" في المجتمع العائلي نتيجة للإصغاء لمشاكل ومناوشات الأطفال فيما بينهم و تأثيرها، ومن خلال معاشرتي لأحد المجتمعات العربية؛ لاحظت خفة الزيارات اليومية فيما بينهم، بسبب انعدام عنصر المجاملة وتحميل النفس ما لا تطيق.
رسائل الجوال
وتبين "تهاني السويلم" أن رسائل الهاتف الجوال، لعبت دوراً مهماً في تقليص عدد الزيارات في المجتمع، فبرسالة قد يكتفي الشخص من عناء الذهاب إلى أخيه أو عمه أو خاله، حتى لو طالت المدة ووصلت إلى عدة أشهر، وقد تطول أكثر إذا كان هؤلاء يبادلونه بنفس الطريقة، فالشخص يعتقد أنها مجدية في التواصل ولا يكلف نفسه زيارتهم، وشيئاً فشيئاً حتى تصبح الزيارة ثقيلة عليه ومستنكره، كذلك وإن قام بها فستكون في وقت محدد وقصير، حتى تتلاشى في القادم من الأيام.
طبيعة المجتمع
وتوضح "منال عبد الله" أن طبيعة المجتمع وحبه للتغيير؛ والخروج كذلك من محيط المنزل إلى أماكن أخرى؛ يجعلان البعض "يتثاقل" زيارات الأقارب، مشيرةً إلى أن الإجازة الأسبوعية أصبحت لأفراد العائلة، فلا وقت للزيارة فالاكتفاء بالاتصال قد يكون وسيلة مجدية.